الملف السياسي

غزة في السياق الإقليمي:  تداخل الأدوار وحدود الاستقرار

بقلم : اسماعيل الاشقر

تقرير تقدير موقف

1. الملخص التنفيذي

يشير هذا التقرير إلى أن قطاع غزة أصبح عنصرًا مركزيًا في معادلات الاستقرار الإقليمي، حيث تتقاطع أدوار ومصالح عدد من الفاعلين الإقليميين، من بينهم إسرائيل، مصر، تركيا، قطر، الإمارات، السعودية، وسوريا.

ويخلص التقرير إلى أن المقاربة السائدة حاليًا تقوم على إدارة الاستقرار بدل معالجة جذور الصراع، ما ينتج توازنًا هشًا قابلًا للاختلال في المدى المتوسط.

2. خلفية عامة

شهد قطاع غزة خلال الفترة الأخيرة تطورات عسكرية وإنسانية عميقة، أدت إلى:

• تراجع مؤشرات الاستقرار الإنساني.

• زيادة الاعتماد على آليات التهدئة المؤقتة.

• تعاظم دور الوسطاء الإقليميين والدوليين.

في هذا السياق، لم يعد التعامل مع غزة مسألة إنسانية بحتة، بل قضية ذات أبعاد سياسية وأمنية واقتصادية إقليمية.

3. الإطار التحليلي

يعتمد التقرير على:

• تحليل تفاعلات الفاعلين الإقليميين.

• رصد أنماط الوساطة وإدارة الأزمات.

• تقييم أثر المعابر، وإعادة الإعمار، والحوكمة المحلية على الاستقرار.

4. أدوار الفاعلين الرئيسيين

4.1 إسرائيل

تركّز السياسات الإسرائيلية على:

• منع تدهور أمني واسع النطاق.

• الحفاظ على معادلة ردع محدودة.

• تجنب ترتيبات سياسية قد تُنتج كيانًا فلسطينيًا مستقلًا في غزة.

4.2 مصر

تضطلع مصر بدور محوري بحكم الجغرافيا، من خلال:

• إدارة معبر رفح.

• الوساطة الأمنية–السياسية.

• موازنة الاعتبارات الإنسانية مع المخاوف الأمنية في شبه جزيرة سيناء.

4.3 قطر

تؤدي قطر دورًا فاعلًا في:

• الوساطة السياسية.

• تقديم الدعم المالي الإنساني.

• المساهمة في تثبيت التهدئة المؤقتة.

4.4 تركيا

تركّز تركيا على:

• الحضور الدبلوماسي والإنساني.

• دعم مقاربات متعددة الأطراف.

• تجنب الانخراط العسكري المباشر.

4.5 الإمارات

تعتمد الإمارات مقاربة:

• قائمة على الاستقرار الاقتصادي.

• تشجع على الحلول التنموية المشروطة.

• تفضّل تحييد غزة عن مسارات التصعيد الإقليمي.

4.6 السعودية

تحافظ السعودية على:

• دور سياسي مؤثر غير مباشر.

• توازن بين الاعتبارات الإقليمية والدينية والدولية.

• متابعة حذرة لتطورات الملف دون انخراط مباشر.

4.7 سوريا

تمثل سوريا بعدًا جيوسياسيًا مرتبطًا بالصراع الأوسع، ويظل تأثيرها مرتبطًا بمسار علاقاتها الإقليمية والدولية.

5. ديناميات الصراع الإقليمي

تشير المعطيات إلى أن التفاعل بين الفاعلين الإقليميين يقوم على منع الانهيار ومنع التحول في آن واحد، ما ينتج نمطًا من “الاستقرار المُدار” القابل للتآكل، خاصة في ظل غياب إطار سياسي جامع.

6. الدور الدولي: المقاربة الأمريكية في ظل إدارة ترامب

6.1 موقع الولايات المتحدة في معادلة غزة

تظل الولايات المتحدة الأمريكية الفاعل الدولي الأكثر تأثيرًا في مسار التطورات المرتبطة بقطاع غزة، من خلال:

• الدعم السياسي والعسكري المستمر لـ إسرائيل،

• التأثير في مسارات الوساطة الإقليمية،

• توجيه الإطار العام للتعامل الدولي مع الأزمة.

وتشير السياسات المعتمدة إلى أن المقاربة الأمريكية تركز على إدارة الصراع ومنع توسعه، أكثر من السعي إلى تسوية سياسية شاملة.

6.2 ملامح نهج إدارة دونالد ترامب

في حال استمرار أو عودة نهج إدارة ترامب، يمكن تحديد السمات التالية:

1. أولوية الأمن الإسرائيلي

ضمان التفوق العسكري الإسرائيلي، ورفض أي ترتيبات قد تُفضي إلى تمكين سياسي مستقل في قطاع غزة.

2. تراجع الدور المؤسسي متعدد الأطراف

اعتماد مقاربة الصفقات الثنائية، وتهميش نسبي لدور المنظمات الدولية، بما فيها منظومة الأمم المتحدة.

3. فصل المسار الإنساني عن المسار السياسي

التعامل مع غزة باعتبارها ملفًا إنسانيًا–أمنيًا، دون ربطه بمسار سياسي نهائي.

6.3 من “صفقة القرن” إلى إدارة ما بعد الحرب

على عكس الطروحات السابقة التي سعت إلى تسويات شاملة، يُرجَّح أن تعتمد إدارة ترامب مقاربة وظيفية تقوم على:

• غياب تصور لدولة فلسطينية مستقلة في الأجل المنظور.

• تهدئة طويلة الأمد مقابل تخفيف إنساني محدود.

• ترتيبات حكم محلية محدودة الصلاحيات.

• تحميل الفاعلين الإقليميين أعباء الاستقرار:

o مصر (الحدود والأمن)،

o قطر (التمويل والوساطة)،

o أطراف عربية أخرى (الإعمار والدعم اللوجستي).

6.4 أثر المقاربة الأمريكية على الاستقرار في غزة

تؤدي هذه المقاربة إلى:

• تحسينات إنسانية جزئية وغير مستدامة.

• استمرار القيود البنيوية على الحركة والاقتصاد.

• غياب أفق سياسي واضح.

• هشاشة التهدئة على المدى المتوسط.

7. السيناريوهات المتوقعة (2025–2030)

السيناريو الأول:) استمرار إدارة الأزمة (الأرجح

• تهدئات متقطعة.

• تدخل أمريكي محدود عند الضرورة.

• بقاء غزة ضمن نمط الاحتواء.

السيناريو الثاني: تفويض إقليمي موسّع

• تقليص الانخراط الأمريكي المباشر.

• تحميل أطراف إقليمية مسؤوليات أكبر.

• مخاطر تفاوت الالتزام والقدرة.

السيناريو الثالث: اختلال التوازن

• فشل الوساطات.

• تصعيد غير مباشر متعدد الأطراف.

• تدخل دولي احتوائي متأخر.

8. التقييم العام

يخلص التقرير إلى أن الاستقرار القائم غير مستدام، وأن المقاربة الأمريكية الحالية، رغم قدرتها على منع الانفجار الشامل، غير قادرة بمفردها على إنتاج استقرار طويل الأمد دون ربط المسار الإنساني بإطار سياسي تدريجي وشامل.

9. توصيات سياساتية

1. تعزيز التنسيق الدولي–الإقليمي تحت مظلة متعددة الأطراف.

2. دعم دور المعابر كأدوات استقرار لا كوسائل ضغط فقط.

3. ربط إعادة الإعمار بآليات حوكمة واضحة.

4. تجنب تحميل الفاعلين الإقليميين أعباء غير متوازنة دون ضمانات سياسية.

5. الاستثمار في إجراءات بناء الثقة لمنع تكرار دورات التصعيد.

10. خاتمة

يشير التقرير إلى أن مستقبل غزة سيظل مؤشرًا رئيسيًا على مستوى الاستقرار الإقليمي والدولي. إن الانتقال من إدارة الأزمات إلى معالجة الأسباب البنيوية للصراع يظل شرطًا أساسيًا لأي استقرار مستدام.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى