اخبارمقالات

غزة في ظل إدارة ترامب: منطق الضغط وحدوده وسيناريوهات الأشهر القادمة

الكاتب/ اسماعيل الاشقر

أولًا: الخلاصة التنفيذية
تشير المعطيات السياسية والميدانية إلى أن سياسة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه غزة تقوم على إدارة الصراع لا حله، وعلى الضغط التكتيكي المحدود على الحكومة الإسرائيلية عند الضرورة، دون المساس بجوهر السيطرة الأمنية أو فرض تسوية سياسية عادلة.
وعليه، فإن السيناريو الأكثر ترجيحًا خلال الأشهر القادمة هو استمرار هدنة هشة تترافق مع تدهور إنساني متصاعد، ما لم يحدث تحول استثنائي في مسار المرحلة الثانية من أي اتفاق قائم.
ثانيًا: الإطار الحاكم لسياسة ترامب
تعتمد سياسة ترامب في ملف غزة–إسرائيل على أربع مرتكزات رئيسية:
1. المنفعة السياسية الداخلية
ترامب ينظر إلى غزة من زاوية تأثيرها على صورته كرئيس “قوي” وصانع صفقات، لا كقضية حقوقية أو قانونية.
2. منع الانفجار الإقليمي
أي تصعيد قد يجر الولايات المتحدة إلى مواجهة أوسع (مع إيران أو حلفائها) يُعدّ خطًا أحمر عمليًا.
3. الدعم الاستراتيجي لإسرائيل مع ضبط الإيقاع
الدعم ثابت، لكن قد يُرافقه ضغط ظرفي على نتنياهو عندما يصبح السلوك الإسرائيلي عبئًا سياسيًا أو إعلاميًا على واشنطن.
4. تفضيل الترتيبات الأمنية على الحلول السياسية
الأولوية للهدوء وضبط السلاح، لا لإنهاء الاحتلال أو تمكين سيادة فلسطينية حقيقية.
ثالثًا: هل يضغط ترامب على نتنياهو؟
نعم، ولكن بشروط وحدود واضحة:
• يضغط عندما:
o تتفاقم الكارثة الإنسانية بشكل يحرج الإدارة الأمريكية.
o يهدد التصعيد الاستقرار الإقليمي.
o يحتاج ترامب إلى “إنجاز سياسي” أو إعلان تهدئة.
• لا يضغط عندما:
o يكون الثمن سياسيًا داخليًا (لوبيات، تحالفات).
o يمسّ جوهر المشروع الأمني الإسرائيلي.
o يُطلب منه فرض محاسبة أو انسحاب غير مشروط.
➡️ الضغط إذن أداتي، مؤقت، وغير بنيوي.
رابعًا: سيناريوهات الأشهر القادمة (بناءً على ذلك)
السيناريو (1): هدنة هشة + تدهور إنساني (الأرجح)
• الوصف: استمرار وقف نار شكلي مع حوادث ميدانية متفرقة، دون فتح حقيقي للمعابر.
• النتيجة: تفاقم المجاعة والأوبئة، انهيار خدمات الصحة والمياه، وزيادة الوفيات القابلة للتجنّب.
• الدور الأمريكي: بيانات قلق + ضغط محدود لفتح مؤقت للمعابر.
السيناريو (2): ترتيب “مرحلة ثانية” أمنية–إدارية
• الوصف: دفع أمريكي–دولي لترتيبات إدارة/مراقبة لغزة مقابل تهدئة أطول.
• النتيجة: تحسّن إنساني نسبي، لكن مع وصاية أمنية وشروط قاسية على الإعمار والحكم.
• الدور الأمريكي: هندسة “اليوم التالي” بما يخدم الاستقرار لا العدالة.
السيناريو (3): شلل العمل الإنساني (سيناريو خطِر وقريب)
• الوصف: تقييد أو إخراج منظمات دولية من غزة عبر أدوات قانونية/أمنية.
• النتيجة: انهيار فعلي للاستجابة الإنسانية حتى مع انخفاض القتال.
• الدور الأمريكي: مساومات سياسية دون ضمان حماية كافية للعمل الإنساني.
السيناريو (4): انهيار الهدنة وعودة التصعيد الواسع (أقل ترجيحًا)
• الوصف: حدث كبير أو فشل كامل للترتيبات ينسف الهدنة.
• النتيجة: موجات نزوح جديدة وكارثة إنسانية شاملة.
• الدور الأمريكي: محاولة احتواء متأخرة أو دعم مسار عسكري محدود.
خامسًا: الخلاصة السياسية
في ظل إدارة ترامب، لن تكون غزة أولوية أخلاقية ولا مشروع سلام، بل ملفًا أمنيًا يُدار بأقل كلفة سياسية على واشنطن.
أي تهدئة قادمة ستكون هشة، مشروطة، وقابلة للانهيار ما دامت جذور الصراع والاحتلال قائمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى