
بيان صادر عن «التَّجمُّع الوطنيِّ لعلماء ودعاة ومثقَّفي غزَّة».*
في تمجيد صمود رجال رفح.. عام من العزلة والبطولة، ومجد يُكذِّب خذلان العالم.
الحمد لله الَّذي يرفع أهل الثَّبات، ويصطفي من عباده من يكتبون بدمهم معنى العزَّة، والصَّلاة والسَّلام على سيِّدنا محمَّد ﷺ، الَّذي علَّم الأمَّة أنَّ المجد يصنعه الأحرار لا المتخاذلون.
إنَّ «التَّجمُّع الوطنيَّ لعلماء ودعاة ومثقَّفي غزَّة» يتابع بإجلال واعتزاز ما يسطره رجال رفح الأشدَّاء منذ نحو عام كامل، وهم معزولون تمامًا عن العالم، محاصرون تحت القصف والجوع، يقاتلون من بين ركام البيوت، وفي الأنفاق الَّتي حفروها بأظافرهم وأرواحهم، دون سند يليق بتضحياتهم، ولا نصرة من عالم أدار ظهره لجراحهم.
لقد صمد أولئك الرِّجال في مشهد هو من أقدم وأصفى صور البطولة، صمود نادر في تاريخه ومشهوده، عاهدوا الله عليه، ورفضوا الاستسلام تحت أيِّ ظرف، ودافعوا عن أنفسهم وعن شعبهم، حتَّى ارتقى بعضهم شهداء، بوجوه بيضاء ستلقى ربَّها وهي تحمل أمانة العذر إلى الله؛ وقد أدُّوا الَّذي عليهم، وما نقضوا عهدًا ولا ولَّوا ظهورهم.
إنَّ هذه الملحمة الرَّفحيَّة ليست صفحة عابرة، بل هي ذاكرة عزٍّ وفخار، وعلى كلِّ من خذلهم أن يخجل من مقامهم، فهم الَّذين ثبتوا حين انهارت جدران العالم من حولهم، وبقوا يقاتلون في وجه محتلٍّ مجرم لم تنفعه حرب ممتدَّة ولا آلة عسكريَّة في منع المقاومة من مواصلة رسالتها في كلِّ بقعة من القطاع.
*وإنَّنا في «التجمُّع الوطنيِّ لعلماء ودعاة ومثقَّفي غزَّة» نؤكِّد على ما يلي:*
رجال رفح صمدوا عامًا كاملًا بلا طعام ولا شراب كاف، وبلا اتصال بالعالم، وقاتلوا وهم في أقسى ظروف البشر، وقد اعترف العدوُّ نفسه بوقع عملياتهم ونتائجها الميدانيَّة المذهلة، وهي عمليات موثَّقة بالصَّوت والصُّورة لا يستطيع الاحتلال إنكارها.
الصُّورة الواجبة للتَّاريخ هي صورة العزِّ لا صورة الأسى؛ فقد قدَّم أولئك الرجال كلَّ ما يستطيعونه وفوق طاقتهم، ونفد منهم الزَّاد، ولم تنفد منهم العزيمة. وسيلقون ربَّهم -من استشهد منهم- على أحسن ما يلقى به المجاهدون: نصر أو شهادة، وكلاهما فوز عظيم.
نحن -في التجمُّع- صوت هؤلاء الرِّجال وذاكرتهم الحيَّة، ومسؤوليتنا الشَّرعيَّة والأخلاقيَّة أن نبلِّغ العالم سرديَّتهم البيضاء، وأن نقف أمام محاولات دفن بطولتهم تحت ركام الأخبار.
ولن نسمح بأن يتحوَّل صمودهم إلى مادَّة حزن أو ضعف؛ فهؤلاء حقَّقوا أقصى ما يتمناه الحرُّ الشريف: شهادة تفضح الانهزاميين، وترفع مقام المجاهدين، وتبقى شاهدًا على أنَّ من وقف في وجه الطُّغيان لم يكن يومًا وحيدًا عند الله، وإن خلا من كلِّ سند في الأرض.
*ختامًا:* أيُّها الأبطال في رفح.. لقد كتبتم سطرًا لا تمحوه السِّياسة، ولا يطويه صمت العالم، ولا يغيِّبه تغييب الإعلام؛ سطرًا يعلو على كلِّ خذلان، ويشهد بأنَّ في هذه الأرض رجالًا أثبت من الجبال.
وإنَّ شعبكم، وعلماءه، وأحرار الأمَّة من خلفكم، لن يسمحوا أن تطمس ملحمتكم ولا أن يغيَّب ذكركم.
المجد للشُّهداء، والعزُّ للمجاهدين، والخذلان مكتوب على كلِّ من قصَّر أو خان، والنَّصر لشعب يتوارث الصُّمود كما يتوارث اسمه وهويَّته.
*التَّجمُّع الوطنيُّ لعلماء ودعاة ومثقَّفي غزَّة.*
الجمعة 28. نوفمبر 2025م | 7. جمادى الآخرة 1447هـ





