زامير يطيح كبار قادة الجيش في أكبر حملة إقالات منذ عقود

في خطوة وُصفت داخل “إسرائيل” بأنها “أخطر هزة بنيوية تضرب المؤسسة العسكرية منذ حرب 1973”، أعلن رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، إيال زامير، مساء الأحد، إقالة مجموعة من أبرز القادة العسكريين، محمّلاً إياهم مسؤولية شخصية عن الإخفاقات الجسيمة التي وقعت في يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 خلال هجوم “طوفان الأقصى” الذي نفذته حركة حماس.
وجاءت قرارات زامير بعد وقت قصير من نشر وسائل الإعلام العبرية تسريبات عن توصيات “لجنة ترجمان”، وهي لجنة تحقيق خارجية ترأسها اللواء الاحتياط سامي ترجمان، كلّفها الجيش بإجراء تحقيق شامل في أسباب انهيار المنظومة الأمنية والاستخبارية الإسرائيلية في ذلك اليوم، وما تلاه من انهيارات في ساحة المعركة.
وفي كلمة مقتضبة لكنها شديدة اللهجة، قال زامير: “الجيش الإسرائيلي فشل في مهمته الأساسية في 7 أكتوبر: حماية المواطنين. هذا الفشل يتطلب قرارات شخصية مؤلمة ومسؤولية مباشرة”.
وأكد أن سلسلة الإقالات جاءت بعد تقييمات عميقة امتدت شهوراً، وأن القرار “معقّد لكنه ضروري”، في إشارة إلى التوازن الحساس بين تطهير المؤسسة العسكرية من المسؤولين عن الفشل، والحفاظ على تماسك الجيش في ظل حرب مفتوحة على جبهتين: غزة ولبنان.
قائمة الإقالات
وشملت قرارات زامير إعفاءات وتوبيخات هي الأقسى منذ سنوات، وضربت مباشرة شُعباً حسّاسة مثل الاستخبارات، العمليات، القوات الجوية والبحرية، والقيادة الجنوبية. ومن أبرز القرارات:
إقالات كاملة من الاحتياط:
اللواء أهارون حاليفا – رئيس الاستخبارات العسكرية السابق.
اللواء عوديد بسيوك – رئيس شعبة العمليات السابق.
اللواء يارون فينكلمان – قائد المنطقة الجنوبية السابق.
العميد بالاحتياط يوسي شاريئيل – قائد الوحدة 8200 سابقاً.
العميد آفي روزنفيلد – قائد فرقة غزة سابقاً.
أرييل ليبوفسكي – قائد القيادة الجنوبية سابقاً.
حاييم كوهين – قائد اللواء الشمالي لفرقة غزة.
ملاحظات قيادية وتوبيخات:
اللواء تومر بار – قائد سلاح الجو، بسبب فشل الدفاع الجوي في مواجهة الطائرات المسيّرة.
اللواء دافيد ساعر سلاما – قائد سلاح البحرية.
اللواء شلومي بِندر – رئيس الاستخبارات الحالي؛ سيغادر منصبه بعد انتهاء ولايته.
إنهاء خدمة فوري:
قائد الاستخبارات السابق في فرقة غزة.
العميد “ج” – ضابط عمليات سابق في استخبارات الجيش.
ويؤكد محللون إسرائيليون أن هذه الأسماء ليست مجرد رتبة عسكرية، بل تمثل “العقول المركزية” للمؤسسة الأمنية التي انهارت أمام هجوم حماس.
نتائج تحقيق ترجمان
وكشف الجيش قبل أسبوعين تفاصيل التحقيق الذي أعده طاقم ترجمان، وهو تحقيق اعتبرته وسائل الإعلام العبرية “الأشمل منذ حرب أكتوبر”.
ومن أبرز ما توصل إليه التحقيق وجود ستة إخفاقات جوهرية في المنظومة العسكرية والاستخبارية، وتجاهل مؤشرات واضحة، في الليلة التي سبقت الهجوم، بأن عملية كبيرة على وشك الوقوع، وغياب ردود الفعل المناسبة في “الساعات الحاسمة”، وفشل وحدات المراقبة والاستخبارات في قراءة التحركات غير الاعتيادية في قطاع غزة.
ورغم خطورة النتائج، لم يتضمن التحقيق توصيات ضد قادة بعينهم، الأمر الذي أثار انتقادات واسعة دفعت بزعمير لاتخاذ إجراءات مباشرة.
نتنياهو في مرمى الاتهامات
وتأتي قرارات زامير في سياق سياسي شديد الاحتقان داخل “إسرائيل”، حيث يتهم قادة المعارضة رئيس الحكومة مجرم الحرب بنيامين نتنياهو بعرقلة تشكيل لجنة تحقيق رسمية خشية تحميله مسؤولية سياسية عن كارثة 7 أكتوبر.
ويشير مراقبون إلى أن خطوة زامير قد تكون تمهيداً لمعركة أكبر داخل المؤسسة العسكرية للضغط باتجاه تشكيل لجنة تحقيق وطنية رسمية، وهو مطلب تتزايد الدعوات له من عائلات قتلى العمليات، ومنظمات المجتمع المدني، وحتى من بعض وزراء الحكومة.
وتصف وسائل الإعلام العبرية حملة الإقالات بأنها “الأكبر من نوعها منذ عقود”، وأنها قد تؤدي إلى اهتزاز ثقة الجمهور بالجيش، التي تراجعت بشدة منذ الحرب على غزة، وفراغ قيادي في أخطر وحدات الجيش، وتوتّر متزايد بين القيادة العسكرية والحكومة، بالإضافة إلى تعزيز المخاوف من أن الجيش غير قادر على إدارة حرب طويلة على عدة جبهات.
وتساءلت صحيفة هآرتس:”إذا كان هذا حجم الإقالات، فمن المسؤول الأول سياسيًا؟”
وتبرز قرارات زامير كاعتراف رسمي غير مسبوق بأن 7 أكتوبر لم يكن “مفاجأة غير قابلة للتوقع”، بل كان نتيجة سلسلة طويلة من التراخي والغرور الاستخباري والثقة المفرطة بالقدرات التقنية.
ومع استمرار الحرب في غزة وجنوب لبنان، يظهر واضحاً أن جيش الاحتلال يعيش أكبر أزمة قيادة منذ تأسيسه، وأن الساعات التي سبقت “طوفان الأقصى” ستظل تطارد المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لسنوات طويلة.






